
في ظل الانفتاح الثقافي الواسع وتزايد المحتوى الرقمي الذي يتناول قضايا حساسة، يكثر التساؤل حول حكم الشذوذ الجنسي في الإسلام، خاصة بين المراهقين والباحثين عن التوجيه الديني السليم. هذا الموضوع لا يمس فقط الجانب الشرعي، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية والجسدية، والاستقرار المجتمعي، والأمن القيمي للأمة.
وقد تناولت الشريعة الإسلامية هذا السلوك بوضوح، كما حذرت منه النصوص القرآنية والحديثية، إلى جانب تحذيرات علمية وطبية تؤكد خطورته على الفرد والمجتمع.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على حكم الشذوذ الجنسي من منظور شرعي، ونكشف مخاطره الصحية والاجتماعية، ونجيب عن أبرز الأسئلة المرتبطة به.

يعد حكم مشاهدة الشذوذ الجنسي من القضايا التي تُثار كثيرًا مع انتشار المحتوى الرقمي، وظهور هذا النوع من المشاهد في الأفلام أو على منصات التواصل. ورغم أن البعض يظن أن المشاهدة لا تعادل الفعل، فإن الشريعة الإسلامية نظرت بعُمق إلى أثر النظر وما يُتبعه من رغبات وسلوكيات.
من منظور شرعي، النظر إلى مشاهد الشذوذ يعد من مواطن الفتنة الكبرى، ويُدخل صاحبه في دائرة المعصية، لأنه:
وقد ورد في الحديث الشريف: “العين تزني وزناها النظر…”، مما يدل على أن مجرد النظر المحرم يُعد معصية، فكيف إذا كان النظر لمشهد يُجاهر بالخروج عن الفطرة.
ولهذا فإن حكم الشذوذ الجنسي لا يقتصر على الممارسة فقط، بل يشمل كل ما يؤدي إليها، كالمشاهدة والقبول والترويج، لما في ذلك من خطر على النفس والمجتمع والقيم الدينية.
اقرأ المزيد : الثواب والعقاب للأطفال: كيف توازن بينهما بذكاء؟
جاء حكم الشذوذ الجنسي في القرآن واضحًا وصريحًا في أكثر من موضع، خاصة من خلال قصة قوم لوط، التي تكررت في سور متعددة لتحذير الأمة من تكرار نفس الفاحشة والانحراف عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
في أكثر من آية، يذكر القرآن الكريم تفاصيل انحراف قوم لوط عن الفطرة، حيث قال الله تعالى:
“أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍۢ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ”
(الأعراف: 80)
وهذا يؤكد أن هذا السلوك لم يسبقهم إليه أحد، وأنه فاحشة مبتدعة تستوجب التحذير والردع.
وفي موضع آخر:
“أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةًۭ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌۭ مُّسْرِفُونَ”
(الأعراف: 81)
وهنا يُشدد القرآن على أن الشذوذ خروج عن الفطرة، وسلوك إسرافي في الشهوة، لا مبرر له لا من عقل ولا من شرع.
وقد كانت عاقبة قوم لوط شديدة ومروعة، لما فيها من عبرة لمن يعتبر:
“فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍۢ”
(الحجر: 74)
وهذا يبيّن كيف أن حكم الشذوذ الجنسي في الإسلام هو التحريم القاطع، ليس فقط للضرر الشخصي، بل لما يسببه من خلل مجتمعي، وانهيار للمنظومة الأخلاقية والإنسانية.
الحديث عن الشذوذ الجنسي ومخاطره الصحية وحكمه الشرعي لم يعد مجرد نقاش ديني أو اجتماعي، بل أصبح قضية تتقاطع فيها الجوانب النفسية والطبية والدينية بشكل مباشر. فبالإضافة إلى حرمة هذا الفعل في الشريعة، تؤكد المنظمات الصحية حول العالم وجود آثار جسيمة مترتبة عليه.
وفق تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز مكافحة الأمراض الأمريكية (CDC)، فإن من أبرز الأمراض المنتشرة بسبب العلاقات الشاذة:
إضافة إلى ذلك، ربطت دراسات نفسية متعددة بين الشذوذ الجنسي ومعدلات أعلى من الاكتئاب، والقلق، ومحاولات الانتحار، خاصة بين المراهقين.
من منظور الشريعة الإسلامية، يُعتبر هذا الفعل من الكبائر التي حذر منها الله في القرآن، وعقوبتها شديدة في الدنيا والآخرة.
وقد أجمع علماء الأمة – قديماً وحديثاً – على تحريمه بشكل قاطع، سواء من جهة الفعل، أو التشجيع عليه، أو الترويج له.
ولهذا فإن حكم الشذوذ الجنسي لا ينبع فقط من نصوص شرعية، بل تؤكده كذلك دلائل واقعية وطبية تثبت مدى خطورة هذا الانحراف على الأفراد والمجتمع.
اقرأ المزيد : طفرات النمو عند الأطفال: مراحلها وكيفية التعامل معها
عند الحديث عن حكم الشذوذ الجنسي في السعودية، فنحن نتناول موقفًا قانونيًا متجذرًا في الشريعة الإسلامية التي تُعد المرجع الأساسي لجميع الأنظمة في المملكة. والسعودية من الدول التي تُجرّم هذا السلوك بوضوح وصراحة، لما فيه من مخالفة صريحة للفطرة الإنسانية، والقيم الدينية والاجتماعية.
وفق نظام الجرائم المعلوماتية، واللوائح المتعلقة بالأخلاق العامة، تُصنّف الممارسات الشاذة، سواء الفعلية أو الإلكترونية، كجرائم موجبة للعقوبة، وتتمثل العقوبات في:
وتأتي هذه الإجراءات ضمن إطار الحفاظ على أمن المجتمع وقيمه، ودرء المفاسد التي قد تضر بالفرد والأسرة والمجتمع ككل.
ولذلك، فإن حكم الشذوذ الجنسي في السعودية يُعد من الأحكام الصارمة والرادعة، لا من باب التضييق، بل من منطلق وقائي يحمي النسيج الأخلاقي والديني للمجتمع.

يتساءل البعض عن حكم الشذوذ الجنسي عند النساء، وهل يختلف عن حكم العلاقات الشاذة بين الرجال؟
من الناحية الشرعية، لا فرق في التحريم، فكل علاقة جنسية خارج الإطار الطبيعي للزواج – وخاصة بين أفراد من نفس الجنس – تُعد معصية شديدة، محرّمة في الإسلام، سواء كان الطرفان رجالًا أو نساءً.
رغم أن القرآن الكريم ركّز في سرده على قصة قوم لوط، إلا أن علماء الشريعة أشاروا بوضوح إلى أن السُحاق بين النساء (وهو مصطلح فقهي يُطلق على العلاقة الشاذة بين الإناث) هو منكر وفاحشة محرّمة، ويترتب عليه الإثم والعقوبة في الدنيا والآخرة.
وقد قال الإمام ابن قدامة في “المغني”:
“إذا أتت المرأةُ المرأةَ فإنهما زانيتان، ملعونتان، مأزورتان.”
وهو ما يؤكده أيضًا عدد من الفتاوى الرسمية المعاصرة، ومنها ما ورد في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية، التي شددت على أن هذا الفعل محرّم، ويجب التوبة منه، مع الأخذ بأسباب العلاج الديني والنفسي.
ومن الناحية النفسية والاجتماعية، تشير الدراسات إلى أن مثل هذه العلاقات غالبًا ما تكون مرتبطة بتجارب نفسية مضطربة، أو تأثيرات إعلامية منحرفة، أو فراغ عاطفي شديد.
ولهذا، فإن حكم الشذوذ الجنسي عند النساء لا يقل خطورة عن غيره، بل يتطلب وعيًا وتربية وقائية من الأسرة والمجتمع، خصوصًا في المراحل المبكرة من العمر.
مع تزايد التساؤلات حول هذا الموضوع الحساس، جمعنا لك أهم الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين، مع إجابات دقيقة ومبنية على مصادر شرعية موثوقة:
نعم، تختلف من حيث نوع الفعل وتفاصيله، لكن الحكم في الحالتين هو التحريم، مع توصية بالعلاج النفسي والديني، والتوبة النصوح.
نعم، فمجرد النظر إلى هذا النوع من المحتوى يُعد معصية لما فيه من ترويج للفاحشة وإثارة الغرائز، وقد يؤدي إلى الانحراف السلوكي.
نعم، هناك برامج علاجية متخصصة تجمع بين الدعم النفسي والإرشاد الديني والسلوكي، وتعتمد على رغبة الشخص في التغيير.
دور الأسرة يبدأ من التربية المبكرة، وتعزيز الهوية الجنسية السليمة، ومراقبة المحتوى، وبناء علاقة قائمة على الحوار والاحتواء.
الدراسات تختلف، لكن الإسلام يعتبر الفعل اختيارًا سلوكيًا محرمًا، وليس اضطرابًا بيولوجيًا، ويجب التعامل معه تربويًا وشرعيًا بحزم ورحمة.
ولهذا فإن فهم حكم الشذوذ الجنسي لا يقتصر على معرفة الحكم فقط، بل يتطلب إدراك السياق، والدوافع، وسبل الوقاية والعلاج.
اقرأ المزيد : الشذوذ الجنسي عند المراهقين في مجتمعاتنا العربية: واقع يجب فهمه لا إنكاره












جميع الحقوق محفوظة لـ مكانة همزة الوصل بين الآباء والأبناء © 2025 | تصميم وبرمجة خبراء التسويق الالكتروني © 2025